
مؤشرات التعليم في اليمن : منذ بدء النظام التعليمي في الجمهورية اليمنية، ويعاني ويتأثر بشكل مستمر بالأزمات التي تمر بها البلاد خلال السنوات الماضية، والضحية في ذلك يكون دائمًا الشعب اليمني، الذي يكافح للحصول على أقل حقوقه، وهو الحصول على تعليم بجودة معقولة على الأقل، يساعد ويساهم في وضع اليمن على الطريق الصحيح في المستقبل القريب.
نشأة التعليم:
تعد بداية نشأة التعليم بشكله الحديث، جاء بالتزامن مع ثورة سبتمبر 1962، في اليمن الشمالي، وكان الهدف هو إخراج جيل جديد ينفع ويفيد اليمن في المستقبل، في مسعى لتحقيق الأحلام والطموحات التي ولدتها الثورة.
وكان من المقرر أن يتم الإشراف على العملية التعليمية من خلال ثلاث جهات حكومية، الأولى متمثلة في وزارة التربية والتعليم والتي بدورها ستشرف على التعليم العام بنوعيه الخاص والحكومي، وزارة التعليم الفني والتي ستشرف على عملية التعليم الفني والتدريب المهني بفروعه المختلفة الصناعي، الزراعي، التجاري، والتقني، ووزارة التعليم العالي التي دورها هو الإشراف على التعليم الجامعي بنوعيه الخاص والحكومي، إضافة إلى الإشراف على مراكز البحوث والدراسات.
وبالفعل بدأت الحكومة اليمنية في دعم التعليم بكل مستوياته، وتم زيادة ميزانية التعليم وخاصًة في المرحلة الثانوية، مما أدى إلى زيادة عدد المدارس، والذي بدوره أدى إلى زيادة نسبة الطلاب ،من 250 ألف طالب إلى 4.3 مليون طالب، وذلك في التعليم الأساسي فقط بحلول عام 1970، أي بعد 10 سنوات فقط من بدء الاهتمام بالعملية التعليمية اليمنية.
ومع الاستقرار الذي عاشته اليمن خاصًة بعد التوحيد بين اليمن الشمالي والجنوبي، والذي ساعد في تطور العملية التعليمية مرة أخرى ليزيد عدد طلاب المرحلة الثانوية من 325 ألف طالب إلى 595 ألف طالب، وعلى المستوى الجامعي زادت كذلك نسبة الطلاب الملتحقين بالجامعات اليمنية من 104 ألف طالب، إلى 201 ألف عام 1996.
تطوير التعليم اليمني:
ومع بدء القرن الحادي والعشرين، بدأت الحكومة اليمنية إطلاق مبادرة المسار السريع، والتي كان الهدف منها تطوير العملية التعليمية، وبدأ العمل عليها بالفعل، وتحديدًا بدايًة من عام 2003، بدأت الحكومة اليمنية في وضع خطة لتطوير العملية التعليمية، والهدف منها هي توفير مراحل تعليمية بشكل متطور للأطفال اليمنيين، والحد من الفجوة التعليمية الموجودة بين سكان الريف وسكان الحضر، من خلال وضع برامج تعليمية على أسس علمية حديثة.
وعليه اقترضت اليمن 60 مليون دولار من البنك الدولي، لتطوير العملية التعليمية، والشئ الجديد في البرنامج التطويري كان زيادة معدلات الإناث، وخاصًة في التعليم الأساسي، والتعليم الصناعي والمهني، وبالفعل نجح المشروع في توفير 10,293 مدرسة بحلول عام 2004، وتطوير المدارس الموجودة في الأساس، ليكون هناك ما يزيد عن 98,329 مؤهلين لاستقبال الطلاب في الريف والحضر، وحصل ما يزيد عن 250,245 فتاة على مرحلة التعليم الأساسي، من خلال هذه المبادرة.
مؤشرات التعليم في اليمن:
رغم كل تلك المبادرات، والمحاولات الحكومية للنهوض بالعملية التعليمية في اليمن، إلى أنه مازالت نسبة الأمية عالية، وخاصًة في الريف حيث تصل إلى 70%، بينما تصل النسبة إلى 30% بين سكان الحضر، إضافة إلى أن هناك العديد من المشاركين في العملية التعليمية، ومن ضمنهم المعلمين أنفسهم غير مؤهلين للتدريس، حيث أن بعضهم لم يصل إلى المرحلة الثانوية وتصل نسبتهم بنسبة 45%، ولا يوجد بينهم سوى 13.8% فقط حاصلين على الشهادة الجامعية.
إضافة أن ما زاد الطين بلة، هو اندلاع الحرب بين السعودية والإمارات من جهة، والحوثيين في اليمن من جهة آخرى عام 2014، وهو الأمر الذي أثر بالسلب على العملية التعليمية في اليمن، فحسب الدراسات والأبحاث الميدانية التي كان قد تم نشرها من مركز مالكوم كير-كارنيجي أن تلك الحرب أدت إلى تضرر مئات من المدارس الحكومية، نتيجة للغارات الجوية المتكررة التي شنها التحالف العربي على الحوثيين.
وطبقًا لما جاء في تقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة “يونيسف” عام 2018، فإن هناك ما يزيد عن 2500 مدرسة أصبحت غير مؤهلة كليًا، كما أن هناك ما يزيد عن 7% من المدارس يتم استخدامها كملاجئ للمتضررين من تلك الحرب، أو استخدمها الحوثيون كمعسكرات لهم.
ورغم أن الحكومة اليمنية كانت قد وعدت عام 2018 بإعادة إعمار تلك المدارس، وتطوير العملية التعليمية مرة آخرى، ولكن وفقًا للتقرير فإن اليمنيين اعتبروا كل هذا لن يحدث، وليس سوى دعاية، في ظل التوقف الكامل لبناء المدارس وكافة المشاريع التعليمية اليمنية، نظرًا للواقع الإقتصادي السئ الذي تعيشه اليمن.
كل ما يمكن قوله عن التعليم في اليمن، هو أن الوضع كارثي، إضافة للمشكلات التي تم ذكرها في السطور السابقة، إلا أن هناك ما يزيد عن 170 ألف معلم إما أنهم تركوا العملية التعليمية لكسب الرزق من أعمال أخرى، أو أنهم غير قادرين على تقديم خدماتهم العلمية، بسبب الوضع المتردي الذي تعيشه اليمن على الأرض، مما أدى إلى تضرر ما يزيد عن 4 مليون طفل كان من المقرر لهم بدء عملية التعليم الأساسي.
ففي الأخير كل ما يمكن قوله، هو وجوب عدم دخول السياسة في العملية التعليمية، ويجب على الجهات المعنية، وكذلك الدول الكبرى أن تنقذ التعليم في اليمن، والذي بدوره سيعود بالفائدة ليس فقط على البلد نفسه، ولكن على البلاد المحيطة بها في الشرق الأوسط.
فإن ما يحدث لا ذنب للشعب اليمني فيه، لذلك لا يجب أن يدفع الشعب ضريبة حرب ليس له أي يد فيها، والضريبة تكون مزيدًا من الأمية وفتح الباب للجهل، والذي سيكون قنبلة موقوتة من الممكن أن ينتج عنها وضع كارثي آخر في المستقبل، فيجب وسريعًا إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتوفير تعليم متطور من خلال مبادرات وبرامج تأهيلية للمعلمين، وضمان عملية تعليمية بجودة متميزة.