
محتويات
زبيد إحدى مدن محافظة الحديدة اليمنية، وتعتبر أحد أهم وأبرز البقاع اليمنية أثريا، وأكثرهم استثنائية عن غيرها من المدن وكان لها الأسبقية، في أن تكون عاصمة اليمن في الفترة بين، القرن الثالث عشر وحتى القرن الخامس عشر الميلادي، وتحظى المدينة بأهمية كبرى عند المسلمين، حيث كانت زبيد أحد مراكز نشر الدعوة الإسلامية، وتم إدراجها من قبل منظمة اليونيسكو، بقائمة المواقع التاريخية والتراثية المعرضة للخطر عام 2000م، بسبب عدم الاهتمام بها وبتنميتها.
الموقع والمناخ
تقع مدينة زبيد على خط طول 43 درجة شرقًا وخط عرض 14 شمالًا، وتبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء بـ 233 كم تقريبًا من ناحية الجنوب الغربي، بينما تبعد عن مدينة تعز بحوالي 161 كم باتجاه الشمال الغربي.
ويعود تاريخ مدينة زبيد إلى القدم، حيث ذكرها الرحالة بن بطوطة في مخطوطاته ووصفها على النحو التالي: زبيد هي مدينة برية لا شطية، وتتمتع المدينة بمناخ شديد الحرارة والرطوبة صيفًا ويميل إلى الاعتدال شتاءًا، ولهذا تعد أمطارها قليلة ولا تحدث إلى على فترات متباعدة.

التسمية
يعود سبب تسمية المدينة إلى زبيد الأصغر، وتنسب له المدينة والوادي، وهو زبيد الأصغر بن ربيعة بن سلمة بن سعد بن زبيد الأكبر بن مازن بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج، وتقع المدينة في منتصف الوادي والذي يمتد من بطن الهضبة الوسطى لجبال اليمن حتى ميناء المدينة، المطلة على ساحل البحر الأحمر.
النشأة
وصل لنا من خلال تقرير البعثة الأثرية الكندية والتي باشرت عملها في مدينة زبيد، في الفترة بين 1982م وحتى 1984م والتي نتج عنها وجود أدلة حول نشأة المدينة، والتي كانت في الأصل مجموعة من القرى التي يقطنها الأشاعرة، واستغلوا في سكنهم وفرة الماء العذب الموجودة في الوادي معتمدين عليها في حياتهم اليومية.
ويقول لنا أيضًا تقرير البعثة على أن بن زياد قرر في عام 204هـ بدء التخطيط للمدينة، وجاء ذلك في الأثار التي وجدوها وقطع الفخار التي كان يتم استخدامها في تلك الفترة، رغم أن أعمال التنقيب قد أثبتت أيضًا أن تلك البقعة من اليمن قد كانت مأهولة من العصر الحجري، وكذلك كانت مأهولة في فترة حكم الدولة الحميرية، وأن بن زياد هو من خطط للمدينة ولم شمل القرى فقط.
تاريخ زبيد
كما ذكرنا في السطور السابقة أن تاريخ المدينة وحسب ما جاء في تقرير البعثة الكندية، يعود حتى العصر الحجري ولكن في هذه السطور سنتحدث عن التاريخ الموجود بين أيدينا الآن، ففي مرحلة من التاريخ اليمني كانت زبيد هي العاصمة وتحديدًا عندما قامت ثورة، شنها كل من قبيلة الأشاعرة وقبيلة عك ضد الوالي العباسي بصنعاء عام 204هـ، وعندها تم اتخاذ المدينة عاصمة للثوار، وتم إعفاء مستوطنيها من الزكاة لمدة عام.
ونمر قليلًا على السنوات التي تلت ذلك نجد زبيد يتم ذكرها مرة آخرى خلال الدولة المهدية، عندما قامت ثورة نادى بها علي بن المهدي الصوفي على وزراء الدولة النجاحية في عام 536هـ، وعلى الرغم من أنه انتصر في ثورته إلا أنه توفي بعدها بشهرين، وخلف سلطته إلى نجليه مهدي بن علي المهدي، وعبد النبي علي بن المهدي، والذين عملا خلال فترة حكمهما في توحيد اليمن.

ونمر بعد ذلك لنرى أن زبيد كان لها دورًا خلال فترة الدولة الأيوبية، عندما أرسل صلاح الدين الأيوبي أخاه توران شاه إلى اليمن، لمحاربة الدولة المهدية وبالفعل وصل توران شاه إلى اليمن واستقر بمدينة زبيد عام 569هـ، بعد معارك دامية خاضها ضد عبد النبي علي بن المهدي وأخيه مهدي بن علي المهدي والتي انتهت بانتصاره وقتلهما، وهو ما سهل عليه بعد ذلك عملية ضم كل من عدن، صنعاء، تعز، وجبلة إلى حدود الدولة الأيوبية.
وتحولت زبيد في عصر الدولة الأيوبية مركزًا للثقافة، وللتجارة، وللصناعة واستغل الأيوبيين في ذلك كثرة الأسواق فيها، وكذلك جعلوها مركزًا لنشر الدعوة الإسلامية ومقر حكم لتوران شاه الذي سرعان ما أرسل لصلاح الدين يطلب منه الإذن بالعودة إلى الشام، وتعيين أخاه طفشكين الأيوبي سلطانًا على اليمن وهذا ما تم بالفعل.
في النهاية يمكن القول أن زبيد مدينة شاهدة على الحضارة والعراقة والتاريخ اليمني القديم، وأنها كانت مركزًا لكثير من الدول، وخاصًة تأثرها الشديد بالحضارة الإسلامية لدرجة وصلت أنها كانت مركزًا لنشر الدعوة، واحتوائها على الكثير من المساجد التي كانت تشهد مجالس العلم الشهيرة، وأيضًا كان لها نصيب كبير في الاعتماد عليها بالاقتصاد اليمني نظرًا لعمل أهلها بالزراعة، واحتوائها على ميناء كان سببًا في انتعاش التجارة فيها، وبعد كل هذا مازال العالم ينبهر أكثر فأكثر بالعراقة اليمنية.