
تحتفل اليمن في الرابع عشر من أكتوبر، بما يمكن أن نسميه عيد الاستقلال اليمني، وهو عيد الثورة التي انطلقت شرارتها في 14 أكتوبر 1963، بالأجزاء الجنوبية في اليمن ضد الاستعمار البريطاني، والتي بدأت من منطقة جبال ردفان، بقيادة راجح بن غالب لبوزة، والذي استشهد في اليوم ذاته، نظرًا للرد الذي واجهوه من القوات البريطانية، والذي ظهر في إطلاق النيران الحية، والغارات العسكرية على القرى، وهدم المنازل للمدنيين العزل، والتي اعتبرها مجلس العموم البريطاني حينها، إحدى جرائم حرب جيش الإنجليز.

14 أكتوبرتاريخ الثورة :
بدأ الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن ، بعد انسحاب الدولة العثمانية منها، عام 1835، والتي بدأت باحتلال مدينة عدن، بقيادة الكابتن هاينز أحد ضباط البحرية البريطانية، وقائد الأسطول البريطاني آنذاك، والذي دخل إلى المدينة عبر خليج عدن.
وبعدما سقطت عدن في أيدي الإنجليز، بدأ محمد علي باشا في سحب القوات المصرية، وبدأت سيطرة الجيش المصري في انخفاض، نظرًا لتقلبات أهل المدينة على الحكم العثماني، وخاصًة بعدما كانت تستقبل مشايخ المنطقة الجنوبية اتصالات، وهدايا من قبل قائد الأسطول البريطاني المتمركز في عدن.
واستمر الوضع هكذا حتى أصبحت اليمن أحد المستعمرات البريطانية، حتى الستينيات من القرن العشرين، وخاصًة مع وصول الرئيس جمال عبد الناصر إلى الحكم في مصر، عقب أحداث ثورة يوليو 1952، وأشعلت خطاباته الحماسية، وبدء عملية إجلاؤوه للقوات البريطانية عن مصر حماسة الشعب اليمني، بالتزامن مع السياسات التعسفية التي كانت تتخذها القوات البريطانية في المدن الواقعة تحت سيطرتها.
وبالفعل بدأ الشعب اليمني، وخاصًة المناطق الجنوبية، في توحيد صفوفهم، وبدء المطالبة بالتحرير، وخاصًة بعد بدء نزوح العديد من سكان المناطق الشمالية إلى جنوب اليمن، للمطالبة بإسقاط حكم الإمامة في الشمال، وإقامة ما عرف باتحاد الجنوب العربي، كل هذا أدى إلى زيادة في التعسف الإنجليزي، مع الشعب اليمني.
ومع قدوم عام 1963م، بدأ الشعب اليمني في تكوين حركات لبداية التخلص من الاستعمار الإنجليزي وتم تشكيل جبهة التحرير القومية في الشمال، والتي تم دعمها من المصريين، كما تم تكوين جبهة لتحرير جنوب اليمن، وعليه أعلنت القوات البريطانية حالة الطوارئ والتي بدأت من مدينة عدن، بعدما استهدفت مجموعة مسلحة من جبهة التحرير القومية، المندوب السامي البريطاني في ديسمبر 1963، أي بعد شهرين من اشتعال فتيل الثورة اليمنية.
واستمرت محاولات الاستقلال من جانب الشعب اليمني، حتى 22 فبراير عام 1966، عندما أصدرت الحكومة البريطانية ما عرف آنذاك بـ”الكتاب الأبيض”، والذي كان بمثابة الإعلان الرسمي عن استقلال مستعمرة عدن والمحميات الطبيعية في اليمن.
ولكن لم تنفذ القوات البريطانية قرار الاستقلال، خاصًة بعدما أسقطت كتائب الجبهة القومية طائرة استطلاع إنجليزية في أبريل من العام نفسه، واستمرت الهجمات الاستنزافية بالطريقة ذاتها حتى 15 فبراير 1967، عندما خرجت مسيرات حاشدة من الشعب اليمني، للتنديد بالاستعمار البريطاني، وعليه شجبت الجامعة العربية التواجد البريطاني في اليمن.
حتى أعلن جورج براون وزير الخارجية للتاج البريطاني حينها، في 14 نوفمبر عام 1967، أن بريطانية على استعداد لمنح الاستقلال الكامل لجنوب اليمن، في موعد أقصاه 30 نوفمبر، وبدأت بالفعل المفاوضات في جنيف، مع بدء عملية انسحاب الجيش البريطاني، لتحصل اليمن على الاستقلال الكامل، ويتم إعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية للمرة الأولى بعد احتلال دام 129 عامًا.
ونتج عن الثورة اليمنية ما يقرب من 2096 قتيل، ومئات الجرحى، بينما خسائر الاحتلال اقتصرت على 68 جندي و 300 جريح، ومازال الشعب اليمني حتى يومنا الحاضر، يحتفل بعيد 14 أكتوبر، كعيد للتحرير من الاحتلال البريطاني لبلاده.