اليمن قديمأ

اليمن في العهد العثماني

اليمن تحت حكم الدولة العثمانية

تعتبر واحدة من أشد اللحظات صعوبة قد مرت على دولة اليمن، وخاصًة أنها جاءت في مرحلة من الفراغ السياسي نتج عن محاولات ضم المماليك اليمن للدولة المصرية وخاصًة بعد سقوط الطاهريين، وسنتحدث في هذا المقال عن تلك النقطة الفارقة، والتي كانت بداية حدوث الانشقاق و تقسيم اليمن إلى دولتين بعد الضغوط التي تعرض لها السلطان العثماني إبان الحرب العالمية الأولى.

بداية الاحتلال العثماني لليمن

كان الفراغ السياسي الذي تعيشه اليمن في ظل محاولة ضم الدولة لمصر من قبل المماليك، وخاصًة بعد الهزيمة الساحقة التي تعرض لها الطاهريين فرصة سانحة للدولة العثمانية، من أجل دخول اليمن من أجل أولًا الانتهاء من هذه الفوضى التي تعيشها البلاد في ظل محاولات المماليك، وثانيًا لزيادة مستعمراتها في الدول العربية وثالثًا للحصول على خيرات وثروات اليمن.

وبالفعل استغلت الدولة العثمانية هذه الفوضى ودخلت القوات العثمانية مدينة عدن عام 1538م، بقيادة خادم سليمان باشا، ونجحت بالفعل القوات فرض سيطرتها سريعًا، من خلال إسقاط عدن وتعامة، واتخذوا من منطقة زبيد مقرًا للقيادة المركزية.

الجيش العثماني في اليمن

ولم يضع السلطان العثماني في باله بأن اليمن أكثرية أراضيها وعرة، وأجوائها جافة وهناك الكثير من مدنها تحدها الجبال والمرتفعات، وبالفعل رغم سقوط المدن اليمنية واحدة تلو الأخرى في أيادي الدولة العثمانية إلا أن المرتفعات الشمالية ظلت مستقلة وتحت قيادة الإمام الزيدي يحيى شرف الدين، واستغل الزيديين الاحتلال العثماني لليمن ليظهروا بمظهر المقاومة الشعبية، ونجحوا في كسب ثقة الشعب اليمني في رحلتهم نحو التحرير.

السيطرة العثمانية على اليمن

والجدير بالذكر في تلك الفقرة بأن الدولة العثمانية ظلت في محاولات مستميتة لفرض سلطانها على اليمن ويمكن تلخيص الأمر على النحو التالي، بأنه منذ عام 1538م وحتى عام 1547م أرسل الباب العالي ما يزيد عن 80 ألف جندي، لم يعد منهم سوى 7 آلاف فقط.

صور قديمة للجيش العثماني في اليمن

وظلت في تلك الأثناء محاولات من الجانب العثماني لفرض الهيمنة، مستغلين في ذلك زيادة أعداد القوات العثمانية، وتطور عتادهم، والتفوق في المناورات والتدريبات، في حين استغل الزيديين معرفتهم الجيدة بتضاريس اليمن، والمخابئ في الجبال والكهوف، وممارسة حرب الشوارع مع القوات العثمانية، والتي كانت تأتي بثمارها في غالية الوقت.

وظل الوضع كما ذكرنا حتى تسللت الخيانة لصفوف القوات الزيدية، عندما نشب خلاف بين كل من الإمام يحيى شرف الدين وابنه المطهر، فذهب الأخير إلى العثمانيين وأبدى استعداده لمعاونتهم من أجل السيطرة على المرتفعات، وعلى الرغم من الشكوك التي انتابت السلطان العثماني في البداية، إلا أنه سرعان ما وافق على المعاهدة أويس باشا.

وبالفعل عام 1547 نجحت القوات العثمانية بقيادة أويس باشا، وبمعاونة أنصار المطهر بن يحيى شرف الدين في فرض السيطرة على صنعاء، ليتم بعدها إعطاء المطهر لقب بك، واعترفوا به إمامًا لأنصاره في منطقة عمران، ولكن سرعان ما أنقلب المطهر عليهم وبدأ حملات معاية لهم، حتى أخمد الجيش العثماني هذه الثورة بقيادة أزدمير باشا.

سادت اليمن حالة من الهدوء بعد إخماد ثورة المطهر، حتى تولى أمر اليمن من الجانب العثماني محمود باشا، والذي كان مكروهًا من قبل جنوده وخاصًة أنه عرف عنه قتله لمن يخالفه الرأي من قاداته، إضافة إلى أنه لم يهتم بشأن زيادة الفتنة بين أهل اليمن، والتي كانت عادًة توفر للعثمانيين قدر من فرض النفوذ وعليه بدأت قوات المقاومة اليمنية في الاتحاد ضد الأتراك.

بداية الاستقلال

 نستطيع القول أن بداية استقلال اليمن قد بدأت مع بداية وهن القوات العثمانية، والتي بدأت مع محمود باشا، فعندما تسلم رضوان باشا أمور اليمن، عرض كافة ما كان يتم ويفعله محمود باشا والمساوئ والكوارث التي تسبب فيها، والتي كانت سببًا رئيسيًا في قوة أصحاب الأرض.

حدث بعد ذلك العديد من المناوشات، إضافة لمطالبة أنصار المطهر بعودة محمود باشا، لمعرفتهم بأن فرصة استقلالهم ستأتي في حين كان محمود باشا أو من على شاكلته في السلطة، ويمكن تلخيص الصفحة الأخيرة في وجود القوات العثمانية داخل اليمن على النحو التالي، بأن القوات العثمانية قد خاضت ثمانين معركة ضد القوات الزيدية، ولكنها انتهت لصالح أصحاب الأرض، وتوجت بمقتل مراد باشا قائد القوات العثمانية بالقرب من ذمار.

وشهدت تلك الفترة قيام دولة الأئمة الزيدية، الذين نجحوا في طرد العثمانيين، والسيطرة على كل من عسير، ظفار، حضرموت بحلول عام 1654، وكل ذلك نجح فيه المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم إضافة لنجاحه في إنهاء الفتنة التي حدثت بعد وفاة والده للسيطرة على السلطة.

ومن بعدها بدأت اليمن صفحة جديدة من تاريخها، عبر عمل العديد من المعاهدات التجارية مع الهند والإمبراطورية المغولية، وكذلك بدأت في إرسال البعثات الدبلوماسية والتعليمية، لبدء علاقات مع الدولة العثمانية والدخول في حلف سياسي مع إيران وإثيوبيا للوقوف وإنهاء الاستعمار العثماني، ولكن هذا لم يدم طويلًا والسبب كان ضعف الجانب الإثيوبي.

المصدر
سلاطين اليمن في القرن الـ19، فرح، قيصر، 2002،نظرة مستنيرة على تاريخ اليمن، محمد بن احمد النهواري،قصة مستعمرتين للدولة العثمانية – الوهم والهوية والذاكرة – مصر واليمن، جاين هاثواي،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي